.

.

الجمعة، 28 أغسطس 2015

تذكار نياحة القديس أغسطينوس شفيع التائبين وإبن الدموع

أيقونة للقديس أغسطينوس
سيرة هذا القديس العظيم سيرة أكثر من رائعة. فإن كان القديس أغسطينوس لم يعانى من التعذيب والمطاردات والمضايقات من قبل البشر إلا أنه واجه عدواً أكثر شراسة وقوة.....نفسه....ذاته. شفاعة وصلوات هذا القديس العظيم فلتكن معنا جميعاً....آمين

من تاجست إلى قرطاجنة:
في ١٣ نوفمبر ٣٥٤ م. بمدينة تاجست من أعمال نوميديا بأفريقيا الشمالية وُلد أغسطينوس، وكان والده باتريكبوس وثنيًا فظ الأخلاق، أما والدته مونيكا فكانت مسيحية تحتمل شرور زوجها وحماتها بصبر عجيب، وبطول أناتها كسبت الإثنين حتى أن رجلها قبل الإيمان واعتمد قبيل نياحته.

كان كل همّ والده أن يرى ابنه رجلًا غنيًا ومثقفًا، وكان معلموه الوثنيين لا يهتمون بسلوك التلاميذ، فنشأ أغسطينوس مستهترًا في حياته ميالًا للكسل.

إذ بلغ السادسة عشرة من عمره أرسله أبوه إلى قرطاجنة ليتمهر في البيان، هناك التقى بأصدقاء أشرار، وصار قائدًا لهم يفتخر بالشر، فتحولت حياته إلى المسارح والفساد. أما عن دراسته فقد عكف على دراسة الفقه والقوانين مشتاقًا أن يرتقي إلى المحاماة والقضاء، وقد تضلع في اللاتينية حتى افتتح مدرسة لتعليم البيان وهو في التاسعة عشرة من عمره.

أعجب أغسطينوس بمذهب شيشرون، فقرأ كتابه "هورطانسيوس"الذي أثار فيه الشوق إلى العفة والبحث عن الحق. قرأ أيضًا الكتاب المقدس لكن ليس بروح الإيمان والتواضع وإنما في كبرياء، فأغلق على نفسه وسقط في "المانوية".

إذ رأت مونيكا إبنها قد انحرف سلوكيًا وعقيديًا، وصار عثرة لكثيرين طردته من بيتها، لكن بمحبتها ردته ثانية، وكانت دموعها لا تجف طالبة خلاص نفسه.

رأت القديسة مونيكا في حلم أنها واقفة على قطعة خشبية (ترمز للإيمان) والكآبة تشملها، وإذ بفتى يلمع بهاؤه أمامها ويشع الفرح من محياه ينظر إليها ويسألها عن سبب حزنها، وإذ أجابت، قال لها: "تعزي ولا تخافي، فها ولدك هنا وهو معك". التفتت مونيكا لتجد ابنها واقفًا معها على الخشبة، فتأكدت أن الله استجاب طلبتها.

في روما:
في عام ٣٨٢ م. أوعز إليه أصدقاءه بالسفر إلى روما لينال مجدًا وغنى أعظم، فحاولت والدته صده وإذ لم تفلح عزمت على السفر معه. إحتال عليها بقوله أنه ذاهب ليودع صديقًا له على السفينة، فسافر تاركًا إياها غارقة في دموعها.
صورة للقديس أغسطينوس ووالدته القديسة مونيكا

في ميلانو:
أرسل حاكم ميلان إلى حاكم روما يطلب أستاذًا في البيان، فبعث إليه أغسطينوس، وقد دبرت له العناية الإلهية الإلتقاء بالقديس أمبروسيوس أسقف ميلان، الذي شمله بحبه وحنانه فأحبه أغسطينوس وأعجب بعظاته، وكان مداومًا على سماعها لما فيها من قوة البيان دون اهتمام بالغذاء الروح الدسم.

سمع من القديس أمبروسيوس تفاسيره الروحية للعهد القديم الذي كان المانيون يتجاهلونه، كما سمعه في رده على أتباع ماني وغيرهم من الهراطقة، فبدأ نور الحق ينكشف أمامه. هنا أدرك أغسطينوس ما للكنيسة من علامات أنها من الله: فيها تتحقق نبوات العهد القديم، وفيها يتجلى الكمال الروحى، وتظهر المعجزات، وأخيرًا إنتشارها بالرغم مما تعانيه من ضيق.

أيقونة للقديس أمبروسيوس أسقف ميلان
أبحرت مونيكا إلى ميلان ليلتقي بها إبنها ويبشرها بترك المانوية، لكن دون قبوله الإيمان الحق، إذ كان منهمكًا في الشهوات، حاسبًا حفظ العفة أمرًا مستحيلًا.

بدأ أغسطينوس يقرأ بعض كتب الأفلاطونيين التي نقلت عن اليونانية بواسطة فيكتريانوس، التي انتفع بها لكنها لم تقده للإيمان.
عاد يقرأ الكتاب المقدس خاصة رسائل معلمنا بولس الرسول فأعجب بها، خاصة في ربطها العهد القديم بالعهد الجديد...

دبرت العناية الإلهية أن يزور سمبليانس حيث بدأ يخبره عن قراءته في كتب الفلسفة الأفلاطونية التي عني بنشرها فيكتريانوس، فأظهر سمبليانس سروره بذلك، ثم عرف أغسطينوس منه عن إعتناق فيكتريانوس للإيمان المسيحي بروح تقوى، فشبت فيه الغيرة للاقتداء به، لكنه كان لا يزال أسير العادات الشريرة.

توبته:
زاره مؤمن حقيقي من كبار رجال الدولة يدعى بنسيانس، فوجده مع صديقه أليبوس وبجوارهما بعض رسائل معلمنا بولس الرسول، فظنها أحد الكتب الفلسفية، لكن أغسطينوس أخبره بأن له زمانًا لا يشغله سوى مطالعة هذه الأسفار، فدار الحديث بينهما حتى تطرق بنسيانس لسيرة القديس أنبا أنطونيوس وكيف تأثر بها إثنان من أشراف البلاط فتركا كل شيء ليسيرا على منواله، وهنا التهب قلب أغسطينوس بالغيرة، كيف يغتصب البسطاء الأميون الملكوت ويبقى هو رغم علمه يتمرغ في الرجاسات. وإذ مضى بنسيانوس، قام أغسطينوس إلى البستان المجاور لمنزله وإرتمى على جذع شجرة تين، وتمثلت أمامه كل شروره، فصار يصرخ: "عاصفة شديدة... دافع عني... وأنت فحتى متى؟ إلى متى يارب؟ أتغضب إلى الأبد؟ لا تذكر علينا ذنوب الأولين. فإنني أشعر بأنني قد اُستعبدت لها. إلى متى؟ إلى متى؟ أ إلى الغد؟ ولما لا يكون الآن؟! لما لا تكن هذه الساعة حدًا فاصلًا لنجاستى؟" وبكى بمرارة...

كان ذلك في عام ٣٨٦ م.، بالغًا من العمر ٣٢ عامًا حين تغيرت حياته وتجددت بنعمة الله، فتحولت القوة المحترقة شرًا إلى قوة ملتهبة حبًا...

عاد القديس أوغسطينوس إلى أليبوس ليذهبا معًا إلى مونيكا يبشرانها أن صلواتها التي دامت قرابة ٣٠ عامًا قد استجيبت، ونبوة القديس أمبروسيوس قد تحققت، هذا الذي سبق فرآها تبكي فقال لها: "ثقي يا امرأة أنه من المستحيل أن يهلك ابن هذه الدموع".

عزم أغسطينوس بنعمة الله على ترك تدريس البيان وتكريس حياته للتأمل في كلمة الله والخدمة، فاعتزل ومعه والدته وصديقه أليبوس وابنه أدياتس (غير الشرعي) وبعض أبناء عمه وأصدقاءه في كاسيكاسيوم بجوار ميلان حيث أقام ستة شهور يتأهب لنوال سرّ العماد، وفي ابتداء صوم الأربعين عام ٣٨٧ م. ذهب إلى ميلان واعتمد على يدي الأسقف إمبروسيوس.

ومن الجدير بالذكر أنه في الأغلب الشجرة التي ارتمى تحتها هي زيتون، حيث يوجد الآن في الجزائر شجرة زيتون يُطلَق عليها في الحي "زيتونة القديس أوغسطين".

نياحة مونيكا:
سافر القديس أوغسطينس مع إبنه ووالدته وأخيه وأليبوس إلى أوستيا منتظرين السفينة للعودة إلى وطنهم، وكانت الأم تتحدث مع أغسطينوس معلنة بأن رسالتها قد تحققت برؤيتها له كخادم أمين للرب.

أيقونة للقديس أغسطينوس ووالدته القديسة مونيكا والدته
بعد خمسة أيام مرضت مونيكا بحمى شديدة، وإذ أُغمى عليها وأفاقت قالت لإبنيها: "أين كنت أنا؟... هنا تدفنان والدتكم"... قالت هذا ثم سلمت روحها في يدي الله.

في روما وأفريقيا:
بعد نياحة القديسة مونيكا قرروا العودة إلى روما، حيث جاهد أغسطينوس هناك لدحض بدعة المانويين. ومن هناك انطلق إلى أفريقيا حيث ذهب إلى قرطاجنة ثم إلى تاجست، فوزع كل ممتلكاته وإختلى للعبادة والتأمل في كلمة الله ثلاث سنوات، ووضع كتبًا كثيرة.

سيامته كاهنًا:
إذ كان أغسطينوس يزور رجل شريف بمدينة هيبو (تدعى حاليًا إيبونا من أعمال نوميديا) سامه الأسقف كاهنًا بالرغم من محاولته رفض السيامة بدموع، بل وجعله يعظ أكثر أيام الأسبوع.

سكن في بستان ملك الكنيسة وجعله ديرًا حيث امتلأ بالرهبان الأتقياء، كما أنشأ ديرًا للراهبات تحت تدبير أخته.

سيامته أسقفًا:
أقيم أسقفًا مساعدًا لفاليروس عام ٣٩٥ م. الأمر الذي أفرح قلوب المؤمنين، وإن كان الهراطقة قد حزنوا وأثاروا شغبًا ضد الشعب وحاولوا قتله.

إمتاز هذا الأسقف القديس بحبه الشديد للفقراء حتى كان يبيع أحيانًا ما للكنيسة ويوزعه على الفقراء ويحرر به المسجونين. واهتم بدحض أصحاب البدع. وحضر مجمعًا بأمر الملك أونريوس عام ٤٢١ م. ضم ٢٧٥ أسقفًا مؤمنًا و٢٧٩ من الدوناتيين... فقام يجادلهم ويردهم إلى الإيمان المستقيم.

نياحته:
إذ بلغ من العمر ٧٢ عامًا إستعان بأحد الكهنة في تدبير أمور الكنيسة راغبًا أن يكون خليفته، وبقى ٤ أعوام يستعد للرحيل، وفي عام ٤٣٠ م. تنيح وهو في سن السادسة والسبعين، وكانت دموعه لا تتوقف.

كتاباته:
بلغت حوالي ٢٣٢ كتابًا، منها كتبه التاريخية مثل "إعترافاته" و"الاستدراكات"، ومقالاته الفلسفية مثل "الرد على الأكاديميين" و"الحياة السعيدة"، "خلود النفس"، "في الموسيقى"... وأيضًا أعماله الجدلية ضد اليهود والوثنيين، وضد أتباع ماني وضد الدوناتيين وضد البيلاجيين وضد الأوريجانيين، كما قدم كتبًا في تفسير التكوين والمزامير والرسالة الأولى إلى يوحنا، والموعظة على الجبل، وعن اتفاق الإنجيليين، وتعليقات على الرسالة إلى أهل غلاطية والرسالة إلى أهل رومية وإنجيل يوحنا. كما كتب كُتب في النسكيات والأخلاقيات...

المصدر: st-takla.org


كتاب فصول أسبوع الآلام



كتاب فصول أسبوع الآلام، مع العظات

كنيسة السيدة العذراء في حارة زويلة، القاهرة، ١٦٢٥ م

مخطوطة ليتورجية فاخرة للقراءات المستخدمة في خدمة أسبوع الآلام، وتعرض النص بلغتين، القبطية والعربية في الأعمدة المجاورة.

الأربعاء، 26 أغسطس 2015

الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا: الخطاب الدينى المسيحى لا ينادى بتكفير الآخر.. والملحدون يعودون بعد جلسات "لطف" و"طبطبة".. الدولة ضعيفة أمام جلسات القضاء العرفى وخطورتها أنها تجعل الناس تنتمى للمتشددين

نقلاً عن جريدة اليوم السابع:

الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا
بالكثير من التواضع والمصارحة والمكاشفة، استقبلنا الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا، وفتح قلبه وأجاب فى هذا الحوار على كل الأسئلة الشائكة المتعلقة بملفات الإلحاد وكيفية تعامل رجال الدين المسيحى مع الشباب الذين يضلون طريقهم إلى الإلحاد ثم يعودون إلى الدين بعد جلسات وصفها بجلسات «اللطف والطبطبة»، لافتا إلى أن الشك هو طريق الإيمان القويم، وليس العكس، وتطرق «مكاريوس» إلى جلسات القضاء العرفى التى تنتهى بتهجير الأقباط، مؤكدا أن الدولة ضعيفة أمامها، مشددا على احترامه لتوجهات الرئيس عبدالفتاح السيسى ورؤيته للحكم، ورفض ما يشاع عن وجود مؤامرة تحاك ضد البابا، وإلى نص الحوار..

فى تقديرك كيف تتم محاربة التعصب الطائفى وتأسيس الحريات الدينية؟
- محاربة التعصب تحتاج إلى تنمية فى المجتمع على ستة محاور، الأول هو الخطاب الدينى، والثانى المنهج التعليمى، والثالث المعلم، والإعلام، والحكومة، والبيت، الذى يبدأ منه التعصب أو التسامح، أما تطوير الخطاب الدينى فهو ضرورة لأن رجل الدين هو الأشد تأثيرًا فى المجتمعات الشرقية.

كلامك يعنى أن الدولة العلمانية ستحل المشكلة؟
- ينظرون إلى الدولة المدنية باعتبارها علمانية كافرة، فتم استبدالها بكلمة دولة حديثة، والعلمانية هى أن ما لله لله وما لقيصر لقيصر، ولدينا مثال حى على دولة الفاتيكان وهى دولة دينية، ورئيسها بابا روما ولكنها تعتمد قوانين مدنية وليست كنسية.

على ذكرك تطوير الخطاب الدينى ألا ترى أن الخطاب المسيحى أيضًا يحتاج لتجديد؟
- الخطاب المسيحى يحتاج لمراجعة ولكنه ليس خطابًا خطيرًا فلا ينادى بتكفير الآخر، أو كراهيته، أو قتله، بل ينادى بالتمسك بما عندك ومحبة الآخرين، وهناك نسبة تحتاج لمراجعة وما أقوله موجود أكثر فى الخطاب الإسلامى، وبشفافية كبيرة أسمع ذلك نهارًا جهارًا على المنابر وسبابا وإهانات، فهناك من يعيشون معنا ولكن على المنابر يتحولون إلى أشخاص آخرين، والنقطة الأهم هى أن المنهج التعليمى ملىء بالمغالطات، والأخطر من ذلك المعلمون القائمون عليه.

كيف ترى دور الدولة فى هذا الإطار؟ وما اقتراحاتك لما يعرف بجلسات القضاء العرفى؟
- الحكومة عليها عبء كبير، ففى المنيا تعقد جلسات قضاء عرفى وعلى الدولة ألا تقبل بها لأنها دولة مؤسسات، ولكن هناك ضغوط للقبول بجلسات القضاء العرفى، الدولة ضعيفة، ومشكلة القضاء العرفى أنه يرسخ إحساسا لدى البعض بأن الحكومة غير قوية، وأن الكلمة العليا للمتشددين والخارجين على القانون فينتمى الفرد للمتشددين أكثر من الوطن.

هل يحل قانون دور العبادة الموحد أزمة الجلسات العرفية التى تحدث غالبًا بسبب مشكلات بناء الكنائس؟
- لا يمكن أن يحل وحده، يكفى رجل أمن متشدد، وهناك الكثير منهم، يكفى أن يقول الحالة الأمنية لا تسمح، وهى عبارة كفيلة بإيقاف قرار رئيس الجمهورية، وهو أمر يتوقف على الشرطى ووطنيته، وأحيانًا نصادف رجال أمن غير وطنيين.

كيف تتصرف فى حال انتهاء جلسة عرفية بتهجير الأقباط؟
- لدى خطابان، الأول مع أجهزة الدولة وأتكلم بصراحة شديدة، والخطاب الثانى لشعب الكنيسة أقول لهم: تعايشوا مع كارهيكم وحبوا الآخرين لأنكم ستعيشون معًا أما إذا قلت لهم طالبوا بحقوقكم، فسوف تحدث احتكاكات طائفية لأن الأمن غير موجود بكثافة، ولو كان لدينا قانون يستطيع أن يوقف المتشدد عند حده لاستطاع القبطى أن يطالب بحقوقه لكن الأمن يغض الطرف والقضاء العرفى يأخذ وضعه، والحكومة صامتة ودور الجلسات العرفية هو معالجة البعد المجتمعى فى المشكلة، وتطبق ما تتفق عليه الدولة وتحتوى الأمر، ولكن ما يحدث أن القضاء العرفى يتولى القضية برمتها.

هل لمست تغييراً فى التعامل الأمنى مع قضايا الأقباط قبل وبعد الثورة؟
- لا تغيير فى سلوكيات الأمن تجاه الأقباط، وما تغير لدى الأقباط هو أن صوتهم أصبح أعلى، ونحن نعترض ونشجب وندين ولكنه فى النهاية مجرد كلام.

على ذكر الأمن كيف تصرفت حين تعرضت لحادث إطلاق نار فى إحدى القرى؟
- كنت فى طريقى إلى واجب عزاء بقرية من القرى مهملة ومهمشة، وتشهد غيابا أمنيا وهى على حدود الجبل، ومليئة بالأسلحة المهربة من ليبيا، قبل أن أصل البلد بكيلو واحد نصحونى بالعودة، فرفضت أن أعود حتى لا أقدم نموذجا سيئا، ولما وصلت على مدخل القرية سمعت صوت أسلحة متطورة مثل الجرينوف وغيرها، ربما كانوا يرغبون فى ترهيبى ومجرد «شو» ولا يستهدفون قتلى، فلم أخف.

أثار قانون الأحوال الشخصية الجديد الكثير من الجدل داخل الكاتدرائية حتى أنه دفع الشباب للتظاهر داخل أسوارها.. كيف تقرأ تلك الأزمة؟
- التظاهر موقف لا يعول عليه كثيرا، وهناك الكثير من الأقباط لا يستطيعون مواصلة العيش معًا كزوجين وهم شباب ويبحثون عن حلول، هل ينفصلون أم يتطلقون؟، الانفصال قرار شخصى، والكنيسة لا تطلق إلا بعد حكم من القضاء المدنى، وبعدما تصدر المحكمة المدنية حكمها لا نمنح تصريح الطلاق إلا بعد التأكد من عدم مخالفته للإنجيل، والناس لا يطالبون بمخالفة الإنجيل بل يطلبون المرونة وهناك منفذ للطلاق هو بطلان الزواج أى حدوث خداع فى شروط العقد، بمعنى أنه ولد ميتًا، والمنفذ الثانى هو تغيير الدين،

 فوضعوا سببًا مثل الإلحاد أى عدم وجود دين نهائيًا، ووضعوا أيضًا أسبابا أخرى مثل الجنون الكلى والإدمان والإعاقة، وكل هذه الأطروحات محل نقاش، والكنيسة تخشى أن تفتح الباب أمام تلك الحالات مما يقوض الأسرة، وننتظر تصويت المجمع المقدس على قانون الأحوال الشخصية حول اللائحة الجديدة، ونحاول أن نتفق مع باقى الكنائس، وفى حالة عدم التوصل إلى اتفاق كلى سوف نخصص بابا لكل كنيسة.

ألا ترى أن الطلاق بسبب الزنى يصم الأسرة بالعار؟
- نعم، ففى حال صدور حكم زنى يقوض الأسرة، والفكر المسيحى جعل من الزوجين واحدا، والكنيسة تمنح التصريح للمجنى عليه فى حالة الزنى، وهناك صعوبة فى إثبات الزنى، حتى لو وجدنا صورا وخطابات متداولة من الصعب إثبات وقوع الزنى.

على ذكر الإلحاد.. كيف تقيّم خطاب الكنيسة فى مواجهته؟
- هو خطاب عقلانى، والإلحاد أحيانًا «بيطلع موضة»، مثل أن الشاب ذكى جدًا ومفكر فيقول لنفسه: كيف أخضع لقوانين إلهية؟ وهناك إلحاد لأسباب مواقفية، كأن يكون له طلب عند الله ولم يستجب، فيأخذ موقفا من الله، وفى أحيان أخرى يصادف الشخص مواقف ليس لها تفسير، مثل مريض لا يشفى، أو أن يقابل ظواهر يعجز عن حلها، مما يشككه فى وجود الله، ولكن بقليل من العطف والتفاهم، كثير جدًا ممن كانوا يستخدمون لغة الملحدين بشىء من اللطف و«الطبطبة» تراجعوا عن موقفهم من الإلحاد.

شخصيًا كيف تتعامل مع قضية الإلحاد؟
- فى رأيى أن الإلحاد درجة مهمة قبل الإيمان القويم، ومرحلة الشك مهمة جدًا، فالشك هو الرواق الذى لا بد للمرء أن يجتازه حتى يصل إلى الإيمان السليم، لازم نشك، ومن يشك يعنى أنه «عايش»، والشك مثل الألم فمن يتألم يعنى أنه يحيى بيننا، أما إذا توقف عن الألم فقد مات.

هل تتفق مع ما طرحه وكيل البطريركية من وجود مؤامرة على البابا تواضروس بالإضافة إلى ظهور حركات تدعو لعزله؟
- هناك تعبير من البعض عن الاعتراض على قرارات البابا، ولكن لا يصل إلى أنه مؤامرة أو لوبى داخل الكنيسة، ولكنهم يستعيرون آليات وتعبيرات جرى استخدامها فى الثورة مثل مؤامرة وتمرد، والثورة غيرت طريقة التعبير، فى البداية كان هناك من يرفع لافتة داخل الكاتدرائية أو يرسل سؤالا، أما الآن فلجأوا للتظاهر مثلما حدث فى الثورة.

تدخلت مطرانية مغاغة فى قضية صفر الثانوية العامة الذى حصلت عليه الطالبة مريم.. هل كان على الكنيسة أن تتدخل؟
- لدينا مشكلة هى أن الدولة عندما تتقاعس عن القيام بدورها يلقى الأقباط بأنفسهم فى حضن الكنيسة، وهو أمر لا يرضينى ولكنه واقع موجود، كلما شعروا بالظلم لجأوا إلى الكنيسة، وزير التعليم خرج وقال تأكدت أنه ليس خطها قبل أن يصدر تقرير المعمل الجنائى، فشعرت البنت بالظلم، وأنا ضد تدخل الكنيسة فى الأمر، وكلما جاءنى أحد بطلب يخص الدولة أنصحه بالتوجه إلى مؤسسات الدولة، وحصار الأقباط يشعرهم أن الكنيسة هى البديل، الكنيسة لها دور وهو دور رعوى وروحى وليس تنمويا، وما يحزننى أن الكثير من الأقباط المتفوقين يهاجرون، والمسلمون أيضا، مما يزيد من فقر البلد، فلماذا تغيب لدينا القدرة على رعاية الموهوبين؟!

كيف تقيّم الأوضاع السياسية لمصر حاليًا؟
- هناك خطة طموحة لرئيس الجمهورية، وأحترم رؤيته وتوجهه، ولكن خططه تحتاج لوقت طويل بعدما ورث تركة ثقيلة، والأهم أن هناك رؤية، وسرعة تغيير المسؤولين وخاصة الصف الأول منهم، لا تؤدى إلى تحقيق الأهداف كلها، ولكن علينا أن نغير موظفى الصف الثانى.

الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

أيقونة العجائب

أيقونة العجائب
قام القمص عبد القدوس - الذى كان رئيساً لدير السريان بتكريس حجرة خاصة للصلاة بإسم السيدة العذراء فى كنيستها بالعزباوية، وهى مقر دير السريان، ثم أحضر من الدير أيقونة أثرية للسيدة العذراء تُعرف بـ "
أيقونة العجائب" ووضعها في مقصورة جميلة وأنار أمامها قنديلاً ليتبارك منها جميع الشعب على اختلاف جنسياتهم ودياناتهم، فتوافد عليها المرضى وذو المشاكل والحاجات والطلبة يسألونها العون والشفاعة، وكان الرب يتمجد – في معظم الحالات – وتستجاب طلباتهم – حسب مشيئته – فكانوا يوفون له النذور ويصلون التماجيد.
أما عن هذه الأيقونة فهى أيقونة أثرية للسيدة العذراء وهي منقولة عن الصورة
المقصورة الموضوع عليها الأيقونة الأثرية - أيقونة العجائب
الأصلية التي رسمها القديس لوقا الطبيب في القرن الأول. وتظهر فيها السيدة العذراء حاملة السيد المسيح ويظهر تحت قدميه القديس يوحنا المعمدان، الذي قيل عنه في الإنجيل "هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي، الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ" (مر ١ : ٢)، وخلفه حمل صغير رمز للحمل الحقيقي، كما تظهر السيدة العذراء ماسكة صولجاناً بيدها.


صلواتك وشفاعاتك يا أم النور

السبت، 22 أغسطس 2015

عيد صعود جسد سيدتنا الطاهرة مريم والدة الإله

+ كل سنة وجميعكم بخير+

في مثل هذا اليوم كان صعود جسد سيدتنا الطاهرة مريم والدة الإله


فأنها بينما كانت ملازمة الصلاة في القبر المقدس ومنتظرة ذلك الوقت السعيد الذي فيه تنطلق من رباطات الجسد أعلمها الروح القدس بانتقالها سريعاً من هذا العالم الزائل ولما دنا الوقت حضر التلاميذ وعذارى جبل الزيتون وكانت السيدة مضطجعة علي سريرها. وإذا بالسيد المسيح قد حضر إليها وحوله ألوف ألوف من الملائكة. فعزاها وأعلمها بسعادتها الدائمة المعدة لها فسرت بذلك ومدت يدها
وباركت التلاميذ والعذارى ثم أسلمت روحها الطاهرة بيد ابنها وإلهها يسوع المسيح فأصعدها إلى المساكن العلوية أما الجسد الطاهر فكفنوه وحملوه إلى الجسمانية وفيما هم ذاهبون به خرج بعض اليهود في وجه التلاميذ لمنع دفنه وأمسك أحدهم بالتابوت فانفصلت يداه من جسمه وبقيتا معلقتين حتى آمن وندم علي سوء فعله وبصلوات التلاميذ القديسين عادت يداه إلى جسمه كما كانتا. ولم يكن توما الرسول حاضرا وقت نياحتها، واتفق حضوره عند دفنها فرأي جسدها الطاهر مع الملائكة صاعدين به فقال له أحدهم: "أسرع وقبل جسد الطاهرة القديسة مريم " فأسرع وقبله. وعند حضوره إلى التلاميذ أعلموه بنياحتها فقال: "أنا لا أصدق حتى أعاين جسدها فأنتم تعرفون كيف أني شككت في قيامة السيد المسيح". فمضوا معه إلى القبر وكشفوا عن الجسد فلم يجدوه فدهش الكل وتعجبوا فعرفهم توما الرسول كيف أنه شاهد الجسد الطاهر مع الملائكة صاعدين به.
وقال لهم الروح القدس: "أن الرب لم يشأ أن يبقي جسدها في الأرض " وكان الرب قد وعد رسله الأطهار أن يريها لهم في الجسد مرة أخري فكانوا منتظرين إتمام ذلك الوعد الصادق حتى اليوم السادس عشر من شهر مسرى حيث تم الوعد لهم برؤيتها وهي جالسة عن يمين ابنها وإلهها وحولها طغمات الملائكة وتمت بذلك نبوة داود القائلة: "قامت الملكة عن يمين الملك " وكانت سنو حياتها علي الأرض ستين سنة. جازت منها اثنتي عشرة سنة في الهيكل وثلاثين سنة في بيت القديس يوسف البار. وأربع عشرة سنة عند القديس يوحنا الإنجيلي، كوصية الرب القائل له: هذا ابنك " وليوحنا: "هذه أمك".

شفاعتها تكون معنا. آمين.



أذكرينا يا أم النور!! محتاجين لصلواتك وشفاعاتك على الدوام.

الخميس، 20 أغسطس 2015

اِنْتِظَارًا انْتَظَرْتُ الرَّبَّ؟؟

طوباك أيها النبى داود على إيمانك وصبرك وحبك للرب القدوس حتى قلت:

"اِنْتِظَارًا انْتَظَرْتُ الرَّبَّ، فَمَالَ إِلَيَّ وَسَمِعَ صُرَاخِي، وَأَصْعَدَنِي مِنْ جُبِّ الْهَلاَكِ، مِنْ طِينِ الْحَمْأَةِ، وَأَقَامَ عَلَى صَخْرَةٍ رِجْلَيَّ. ثَبَّتَ خُطُوَاتِي".

ما أحلى هذا الإيمان وما أروع هذه الثقة في الله. إعطني يا رب هذا الإيمان حتى أنتظرك بفرح وصبر وإحتمال. تجلى يا رب كما تجليت لبطرس ويعقوب ويوحنا على جبل طابور فأستقوي بك وأكف عن الإحتماء بالبشر الذين ليس عندهم خلاص، فأنتظر خلاصك أنت مرنماً و مسبحاً مع داوود النبى.

الأربعاء، 19 أغسطس 2015

عيد التجلى

إنجيل عيد التجلى (متى ١٧ : ١ - ٩):

وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ. وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. وَإِذَا مُوسَى وَإِيلِيَّا قَدْ ظَهَرَا لَهُمْ يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ. فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقُولُ لِيَسُوعَ: يَارَبُّ، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا! فَإِنْ شِئْتَ نَصْنَعْ هُنَا ثَلاَثَ مَظَالَّ: لَكَ وَاحِدَةٌ، وَلِمُوسَى وَاحِدَةٌ، وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةٌ. وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا. وَلَمَّا سَمِعَ التَّلاَمِيذُ سَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَخَافُوا جِدًّا. جَاءَ يَسُوعُ وَلَمَسَهُمْ وَقَالَ: قُومُوا، وَلاَ تَخَافُوا. فَرَفَعُوا أَعْيُنَهُمْ وَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا إِلاَّ يَسُوعَ وَحْدَهُ. وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ الْجَبَلِ أَوْصَاهُمْ يَسُوعُ قَائِلاً:لاَ تُعْلِمُوا أَحَدًا بِمَا رَأَيْتُمْ حَتَّى يَقُومَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنَ الأَمْوَاتِ.

أيقونة التجلى


عيد التجلى عيد سيدي صغير....فيه المجد....ولكن علاقته بالخلاص غير مباشرة، نشعر أنه عيد مهم لأنه ذُكر في البشائر الثلاثة متى، ومرقس، ولوقا.

الرسول بطرس يصلب منكس الرأس
١) في الإصحاح السابق وعد السيد تلاميذه أن منهم من سوف يرون ابن الإنسان آتياً في ملكوته حينما قال "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِهِ" (متى ١٦ : ٢٨). وها هو هنا يريهم عربون المجد الأبدي في الملكوت.

٢) أخذ السيد معه ٣ تلاميذ ليشهدوا على ما حدث، ورقم ٣ كافٍ جداً كشهود بحسب الناموس. والثلاث تلاميذ اختيروا لحكمة، بطرس استشهد بأصعب ميتة مصلوب منكس الرأس، ويعقوب أول الشهداء من الرسل، ويوحنا أول من وقف في وجه الهراطقة. وهو الوحيد الذي تبع المسيح حتى الصليب. وكان الثلاثة دائماً يرافقونه في الأحداث الهامة مثل إقامة ابنة يايرس وفي بستان جثسيماني. فلهم وضع متميز....فأراهم مجده.
إستشهاد القديس يعقوب الرسول

وبطرس لم ينسى ما رآه وسجله في رسالته: "لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْدًا، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى: هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ. وَنَحْنُ سَمِعْنَا هذَا الصَّوْتَ مُقْبِلاً مِنَ السَّمَاءِ، إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ". (٢ بط ١ : ١٦ - ١٨) وهكذا يوحنا: "وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا". (يو ١ : ١٤).

٣) يقول تقليد الكنيسة أن الجبل كان هو جبل تابور. وهو جبل عالٍ يشير للسمو، سمو قدر المسيح الذي سيرونه الآن متجلياً. ولكي نعاين نحن مجد الرب يجب أن ندرب أنفسنا أن نحيا في السماويات (الجبال)، وتكون لنا خلوة هادئة باستمرار نتأمل فيها في الكتاب المقدس، ونرتفع فوق شهوات العالم ورغبات الذات لنحقق وصية بولس الرسول "فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ. مَتَى أُظْهِرَ الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ فِي الْمَجْدِ. فَأَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ: الزِّنَا، النَّجَاسَةَ، الْهَوَى، الشَّهْوَةَ الرَّدِيَّةَ، الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ" (كولوسى ٣ : ١ - ٥). وتأملنا في كلمة الله المكتوبة في الكتاب المقدس تكشف لنا عن كلمة الله أي المسيح، وكلما عاشرناه نحيا في السماويات كمن يرتفع فوق جبل.

"أَرْفَعُ عَيْنَيَّ إِلَى الْجِبَالِ، مِنْ حَيْثُ يَأْتِي عَوْنِي. مَعُونَتِي مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، صَانِعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ " (مز ١٢١ : ١ - ٢).
"اهْرُبْ لِحَيَاتِكَ. لاَ تَنْظُرْ إِلَى وَرَائِكَ، وَلاَ تَقِفْ فِي كُلِّ الدَّائِرَةِ. اهْرُبْ إِلَى الْجَبَلِ لِئَلاَّ تَهْلَكَ". (تكوين ١٩ : ١٧).
"فِي جَبَلِ الرَّبِّ يُرَى " (تكوين ٢٢ : ١٤).
"إنِّي أَكُونُ مَعَكَ، وَهذِهِ تَكُونُ لَكَ الْعَلاَمَةُ أَنِّي أَرْسَلْتُكَ: حِينَمَا تُخْرِجُ الشَّعْبَ مِنْ مِصْرَ، تَعْبُدُونَ اللهَ عَلَى هذَا الْجَبَلِ" (خروج ٣ : ١٢).
"أسَاسُهُ فِي الْجِبَالِ الْمُقَدَّسَةِ" (مز ٨٧ : ١).

إذن هناك أربع أشياء مهمة في حياة أولاد الله:

الخلوة    |    الجبل    |    الصلاة    |    التأمل

"مجرد النظر إلى القفر يُميت من النفس الحركات الشهوانية" بالإضافة إلى الهدوء وحفظ الوصية. "بِالرُّجُوعِ وَالسُّكُونِ تَخْلُصُونَ. بِالْهُدُوءِ وَالطُّمَأْنِينَةِ تَكُونُ قُوَّتُكُمْ" (أشعياء ٣٠ : ١٥).

٤) التجلي هو إعلان لمجد المسيح ولاهوته بخروجه عن مستوى الأرض والزمن. فيه أعطى السيد لتلاميذه أن يتذوقوا الحياة الأخروية، معلناً أمجاده الإلهية بالقدر الذي يستطيع التلاميذ أن يحتملوه وهم بعد في الجسد. ومجد الرب الذي ظهر ليس مجداً عادياً. فالشخصيات التي تجمعت في الجبل، روح بدون جسد (موسى النبي)، إيليا (حي في السماء بالجسد)، التلاميذ الثلاثة (بطرس ويعقوب ويوحنا). لا يستطيع أحد يجمع كل هذه الشخصيات إلا إذا كان هو الله نفسه. (كيف يأتي موسى من الجحيم، وإيليا من السماء؟ موضوع يريد سلطان. والعجيب أن موسى وإيليا كانا يتحدثان مع الرب عن خروجه المزمع أن يكون.

٥) السيد حدث تلاميذه عن آلامه وموته، فكان لا بُد له أن يظهر لهم ما سيكون عليه مجده عند ظهوره، وإذ رأوا ما رأوه كان هذا قوة لهم وسنداً على إحتمال الآلام والاضطهادات التي سيواجهونها دون أن يتعثروا فيه. والله دائماً يعزى كل متألم ليحتمل ألمه.

 ٦) التجلي محسوب للإنسان، فنحن سنحصل على جسد ممجد. "الَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ، بِحَسَبِ عَمَلِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ" (فيليبى ٣ : ٢١). "أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ" (١ يوحنا ٣ : ٢).

فى حادثة التجلى:

+ صوت الآب يشهد للابن، "هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا" (متى ١٧ : ٥).

+ نبدأ المجد المُعد للأبرار " جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا" (متى ١٧ : ٤).

+ أهمية الجبل في حياة أولاد الله، دائمًا أولاد الله يوصفوا بالجبال "أَرْفَعُ عَيْنَيَّ إِلَى الْجِبَالِ، مِنْ حَيْثُ يَأْتِي عَوْنِي. مَعُونَتِي مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، صَانِعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ " (مز ١٢١ : ١ - ٢).

+ القداسة هي التي تجمع بين المجاهدين والمنتصرين، مبدأ روحي مهم (موسى وإيليا كانوا في حكم المنتصرين) والتلاميذ مازالوا يجاهدون.

+++

ياربنا يسوع المسيح.....بشفاعة موسى وإيليا النبيين العظيمين....وبشفاعة بطرس ويعقوب ويوحنا الرسل الأطهار القديسين....إرحمنا وطهرنا وأظهر لنا مجدك يا ملك الملوك ورب الأرباب. تجلى يا رب لشعبك بقوة ومجد ونور عظيم. فرح قلوب عبيدك يا رب بمجدك البهي حتى نقول "جيد يا رب أن نكون ههنا".

+++


أيقونة التجلى من محفوظات أبرشيّة قبرص المارونيّة
أيقونة يونانية للتجلى

الثلاثاء، 18 أغسطس 2015

التذكار الشهرى لرئيس الملائكة الجليل ميخائيل

أيقونة قبطية لرئيس الملائكة الجليل ميخائيل
سلام الرب عليك أيها العظيم فى الملائكة. أذكرنا أمام عرش النعمة فى يوم تذكارك أيها الطاهر لكى يرحمنا الله ويغفر لنا ويعين عدم إيماننا ويرزقنا ويشفينا ويفرحنا بنعمة روحه القدوس.


من هو الملاك ميخائيل؟

كلمة "ميخائيل" كلمة عبرية معناها "مَنْ مثل الله؟" (قاموس الكتاب المقدس)، وهي مكونة من مقطعين:

الأول: ميخا = قوة
الثاني: ئيل = الله

فيكون المعنى العام للكلمة قوة الله، أو من مثل الله (في القوة). وهي إسم يدل على ما أعطاه الله من قوة ومقدرة وسمو وقداسة.

مركزه بين السمائيين:

يعتبر ميخائيل رئيس الملائكة وهو الأول أيضاً في رؤساء الملائكة السبعة، ففي دانيال يلقب بأنه "وَاحِدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ الأَوَّلِينَ" (دا ١٠ : ١٣).  وفي سفر يشوع يقول عن نفسه بأنه "أَنَا رَئِيسُ جُنْدِ الرَّبِّ" (يش ٥ : ١٤). وفي سفر دانيال يدعى بأنه "الرَّئِيسُ الْعَظِيمُ" (دا ١٢ : ١) ولقبه يهوذا الرسول بأنه "رَئِيسُ الْمَلاَئِكَةِ" (يهوذا ١ : ٩).

تعتبره الكنيسة بناء على ذلك رئيس الملائكة الأولين الواقف أمام الرب على الدوام، يشفع فينا أمام الرب، ويدافع عن الكنيسة من أعدائها الشياطين، لذلك تكرمه وتبجله في مناسبات كثيرة، لأن شجاعته فاقت الوصف، ومحبته لله عظيمة جدا، وغيرته على مجد الله لا تحد.

الغيرة المقدسة للملاك ميخائيل على مجد الرب في العهد القديم:

نستطيع أن نلمس أعمال الرئيس الجليل ميخائيل من خلال الحوادث التي ذكرها الكتاب المقدس، ومنها نتأمل في غيرته ومحبته المقدسة وإخلاصه لرب الأرباب وملك الملوك، ونحاول أن نستفيد منها في حياتنا الروحية:

ظهور الملاك جبرائيل لدانيال النبى
١ - يقول الكتاب عن دانيال النبي أنه صام ثلاثة أسابيع أيام (أي ٢١ يوماَ) متذللاً، لم يأكل لحماً ولم يشرب خمراً، وظل صائماً متذللاً حتى ظهر له الملاك جبرائيل (الملاك المبشر) وقال له "لاَ تَخَفْ يَا دَانِيآلُ، لأَنَّهُ مِنَ الْيَوْمِ الأَوَّلِ الَّذِي فِيهِ جَعَلْتَ قَلْبَكَ لِلْفَهْمِ وَلإِذْلاَلِ نَفْسِكَ قُدَّامَ إِلهِكَ، سُمِعَ كَلاَمُكَ، وَأَنَا أَتَيْتُ لأَجْلِ كَلاَمِكَ. وَرَئِيسُ مَمْلَكَةِ فَارِسَ وَقَفَ مُقَابِلِي وَاحِدًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَهُوَذَا مِيخَائِيلُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ الأَوَّلِينَ جَاءَ لإِعَانَتِي، وَأَنَا أُبْقِيتُ هُنَاكَ عِنْدَ مُلُوكِ فَارِسَ..........وَلكِنِّي أُخْبِرُكَ بِالْمَرْسُومِ فِي كِتَابِ الْحَقِّ. وَلاَ أَحَدٌ يَتَمَسَّكُ مَعِي عَلَى هؤُلاَءِ إِلاَّ مِيخَائِيلُ رَئِيسُكُمْ." (دا ١٠ : ١٣ - ٢١).

فمن هو رئيس مملكة فارس؟

إنه الشيطان المعين من قبل سطانائيل للسيطرة على مملكة فارس وإضلالها وإفسادها فجبرائيل الملاك يقول لدانيال لا تخف.. فإنك من أول يوم وجهت فيه قلبك للصلاة مع إذلال نفسك بالصوم إلهك استجيبت صلواتك، وأتيت أنا لأجل كلامك، وقد قاومني الشيطان المعين لإضلال مملكة فارس ٢١ يوماً. وهذا هو سر تعطيلي كل هذه المدة.. إلى أن جاء ميخائيل الرئيس العظيم فخلصني من هذا الشيطان الذي قاومني.

وهذا يرينا أهمية الصلاة وأهمية الإلحاح فيها، فإذا صلى الواحد منا، ووجد أن صلاته لم تستجب بعد، فلابد أن يلح في الصلاة، لأنه يجوز أن تكون هناك معاكسات من قوى شريرة تعطل استجابة الصلاة حتى يمل الإنسان من الصلاة ويكف عنها، فإذا واظب الإنسان على الصلاة بإلحاح وبلجاجة تهتز السماء، وينزل الملائكة الكبار لكي يكونوا في عون الإنسان، ويحطوا القوات المعادية الشريرة التي تكون واقفة في مقابلة تعاكسه.

ويرينا أيضا أهمية التعاون في الخدمة، ومحبة بعضنا البعض، فعندما رأى ميخائيل رئيس الملائكة أن الشيطان قد عطل وعاكس جبرائيل، جاء لمعاونته ضد العدو اللئيم.

الملاك ميخائيل يظهر ليشوع
٢ - هناك إشارة إلى رئيس الملائكة ميخائيل في سفر يشوع حينما رآه يشوع بن نون واقفاً قبالته، وسيف الله مسلولاً في يده، فلما رآه في صورة رئيس جند وقائد عظيم، ورأى منظره غير عادي "حَدَثَ لَمَّا كَانَ يَشُوعُ عِنْدَ أَرِيحَا أَنَّهُ رَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ، وَإِذَا بِرَجُل وَاقِفٍ
قُبَالَتَهُ، وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ بِيَدِهِ. فَسَارَ يَشُوعُ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: «هَلْ لَنَا أَنْتَ أَوْ لأَعدَائِنَا؟» فَقَالَ: «كَلاَّ، بَلْ أَنَا رَئِيسُ جُنْدِ الرَّبِّ. الآنَ أَتَيْتُ. فَسَقَطَ يَشُوعُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ، وَقَالَ لَهُ: «بِمَاذَا يُكَلِّمُ سَيِّدِي عَبْدَهُ؟». فَقَالَ رَئِيسُ جُنْدِ الرَّبِّ لِيَشُوعَ: اخْلَعْ نَعْلَكَ مِنْ رِجْلِكَ، لأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ هُوَ مُقَدَّسٌ». فَفَعَلَ يَشُوعُ كَذلِكَ." (يش ٥ : ١٣ - ١٥) وقال الآباء إن رئيس جند الرب الذي ظهر ليشوع هو بعينه ميخائيل.

٣ - وفي سفر دانيال أيضا جاء ذكر رئيس الملائكة ميخائيل حيث يقول جبرائيل رئيس الملائكة لدانيال النبي "وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يَقُومُ مِيخَائِيلُ الرَّئِيسُ الْعَظِيمُ الْقَائِمُ لِبَنِي شَعْبِكَ" (دا ١٢ : ١). وهنا يصف الوحي ميخائيل بأنه الرئيس العظيم، كما ينسب إليه عمل الشفاعة والوساطة، وهما هنا الشفاعة التوسلية عن الشعب.

غيرة ميخائيل الملاك المقدسة في العهد الجديد:

١ - يقول يهوذا الرسول (المعروف بلباوس والملقب بتداوس وهو غير يهوذا الإسخريوطي) في رسالته أن هناك حربا نشبت بين ميخائيل وبين الشيطان بخصوص جسد موسى النبي، فكان الشيطان يريد إظهار جسد موسى أمام الشعب لكي يعبدوه، وكانت عبادة الأوثان منتشرة في ذلك الوقت، فأراد الشيطان أن يغوي الشعب إلى عبادة الأصنام عن طريق عبادة جسد موسى والابتعاد عن عبادة الله، فغار ميخائيل رئيس الملائكة غيرة الرب، فأخفى جسد موسى ودفنه في مكان لا يعرفه أحد "وَدَفَنَهُ فِي الْجِوَاءِ فِي أَرْضِ مُوآبَ، مُقَابِلَ بَيْتِ فَغُورَ. وَلَمْ يَعْرِفْ إِنْسَانٌ قَبْرَهُ إِلَى هذَا الْيَوْمِ." (تث ٣٤ : ٦). "وَأَمَّا مِيخَائِيلُ رَئِيسُ الْمَلاَئِكَةِ، فَلَمَّا خَاصَمَ إِبْلِيسَ مُحَاجًّا عَنْ جَسَدِ مُوسَى، لَمْ يَجْسُرْ أَنْ يُورِدَ حُكْمَ افْتِرَاءٍ، بَلْ قَالَ:«لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ!»." (يه ١ : ٩).

٢ - في التقليد الكنسي وفي كتب الكنيسة يوصف رئيس الملائكة ميخائيل بأنه ملاك القيامة الذي دحرج الحجر عن فم القبر – بعد أن
لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ
قام السيد المسيح له المجد من بين الأموات - ليعلن أن القبر فارغ وأن السيد المسيح غير موجود فيه لأنه قام، ويقول الكتاب المقدس:
"وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ. وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ، وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ. فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ." (مت  ٢٨ : ٢ - ٤).

٣ - جاء في سفر الرؤيا قوله:

"وَحَدَثَتْ حَرْبٌ فِي السَّمَاءِ: مِيخَائِيلُ وَمَلاَئِكَتُهُ حَارَبُوا التِّنِّينَ، وَحَارَبَ التِّنِّينُ وَمَلاَئِكَتُهُ وَلَمْ يَقْوَوْا، فَلَمْ يُوجَدْ مَكَانُهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي السَّمَاءِ. فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ." (رؤ ١٢ : ٧ - ٩).

وهذا النص يدل على الحرب التي نشبت بين ميخائيل وملائكته الصالحين، والشيطان وملائكته الأشرار الذين تبعوه في تمرده، وقد انتهت هذه الحرب بطرد الشيطان وملائكته من السماء، وإسقاطهم إلى الأرض.

ولعله إلى هذه الحرب يشير مخلصنا في قوله: "رَأَيْتُ الشَّيْطَانَ سَاقِطًا مِثْلَ الْبَرْقِ مِنَ السَّمَاءِ." (لو ١٠ : ١٨).

رئيس الملائكة ميخائيل ممسكاً بميزان في يده اليسرى،
وبالسيف في يده اليمنى، والشيطان ساقطًا عند قدميه
ولعله أيضا إلى هذا ترمز الصورة التقليدية السائدة في الكنيسة المقدسة، والتي يصور فيها رئيس الملائكة ميخائيل ممسكاً بميزان في يده اليسرى، وبالسيف في يده اليمنى، والشيطان ساقطًا عند قدميه..أما الميزان فيرمز إلى عدالة الله، وقد ظهر الشيطان ناقصا
أمامه..فسقط على الأرض مغلوبا في قتاله مع رئيس الملائكة ميخائيل.

وبعبارة أخرى فإن الكتاب المقدس في سفر الرؤيا يظهر لنا ميخائيل رئيس الملائكة غريماً وخصماً ومطارداَ لسطانائيل رئيس الشياطين، وهو الذي شن عليه هذه الحرب نيابةً عن الله، الذي أعطاه السلطة أن يطرد  سطانائيل من حضرته ومن السماء ويسقط إلى الأرض.

٤ - وفي التقليد المسيحي أن رئيس الملائكة ميخائيل هو ملاك القيامة العامة الذي يبوِّق بالبوق ليدعو أجساد الراقدين إلى القيامة:
"لأَنَّ الرَّبّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي ٤ : ١٦).

شفاعة رئيس الملائكة الجليل ميخائيل:

إن شفاعة الملائكة والقديسين حقيقة معروفة منذ زمن بعيد، وهي الشفاعة التوسلية المقصود بها مساعدة الملائكة لنا في صلواتنا التي رفعها إلى الله، وقد أمرنا الله بها، وتوجد أدلة في الكتاب المقدس كثيرة على شفاعة الملائكة للبشر.

ويمكننا أن نلخص هذه الأدلة في ثلاث نقاط جوهرية هي:

‌أ. الملائكة يصعدون صلواتنا إلى الله (رؤ ٨ : ٣، ٤)، (أع ١٠ : ٤).
‌ب. الملائكة يتشفعون من أجل سلامة العالم (زكريا ١ : ١٢، ١٣).
‌ج. الملائكة يتشفعون من أجل توبة الخطاة ويفرحون بها (لو٥ : ١٠).

وهذه الشفاعة تعطينا فكرة واضحة عن محبة الملائكة لنا، وبالتالي فإننا نبادلهم نفس المحبة، والله أراد وسمح أن يكون بيننا وبينهم دالة محبة قوية، لأن الله محبة.

ويجب أن نعرف حقيقة واضحة أن تمجيد الملائكة والقديسين هو في الواقع تمجيد لله نفسه، إذ يقول الوحي الإلهي على فم داود النبي "الله يتمجد في قديسيه"، وقال أيضاَ "سبحوا الله في جميع قديسيه" (مز ١٥ : ١).

ويقول أيضاً بولس الرسول "مَتَى جَاءَ لِيَتَمَجَّدَ فِي قِدِّيسِيهِ وَيُتَعَجَّبَ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ." (٢ تس ١ : ١٠).

ومن مظاهر التمجيد والإكرام وضعت الكنيسة – بإرشاد الروح القدس- تماجيد خاصة بالملائكة- بأسمائهم- تذكر في التسابيح الكنسية في مناسبات تذكاراتهم وأعيادهم.

أعياد الملاك ميخائيل:

تقيم كنيستنا القبطية أعياداً تذكارية للملاك ميخائيل في اليوم الثاني عشر من كل شهر من شهور السنة القبطية. ولكن هناك تذكاران مهمان يكون الاحتفال فيهما أكبر من باقي شهور السنة. فالعيد الأول يقع في ١٢ هاتور (وهو يوافق ٢١ نوفمبر)، والثاني يقع في ١٢ بؤونه (ويوافق ١٩ يونيو).

تاريخ هذه التذكارات:

أما ترتيب العيد الأول الذي يقع في ١٢ هاتور، فسببه أن البابا البطريرك إسكندر(ترتيبه الـ١٩ في عداد البطاركة. وقد رسم سنة ٢٩٥م، وأقام في الكرسي الإسكندري ٢٣ سنة تقريباً) وجد أن أهل الإسكندرية كانوا يقيمون عيداً لإلههم "زحل" بالإسكندرية في ١٢ هاتور من كل سنة، حيث يذبحون الذبائح الكثيرة ويوزعون لحومها على الفقراء، فأراد أن يحول نظرهم عن عبادة الأوثان وإكرامها، فلما حان العيد جمع أهل الإسكندرية ووعظهم بتعاليم الكتاب المقدس، وعرض عليهم الاحتفال بعيد رئيس الملائكة الجليل ميخائيل. ثم بني مكان "هيكل زحل" كنيسة باسم رئيس الملائكة ميخائيل.

ثم ظلت هذه الكنيسة مدة من الزمن يزورها الكثيرون من أقاصي البلاد الصلاة ومشاهدة عجائب ومعجزات شفاء المرضى، التي كانت تتم فيها بقوة الله تعالى، وبشفاعة ميخائيل رئيس الملائكة النورانيين.

أما العيد الثاني فميعاده يوم ١٢ بؤونة، ويقع دائماً في بدء الفيضان، وكان أصله عيداً من أهم أعياد قدماء المصريين، فقد كان يقام "للإله ستيرون" إله النيل. وكان في زعمهم أنه في زمن فمه قطرات ماء تتبخر وتصعد إلى السماء فتتحول إلى سحب كثيفة تنهمر سيولاً من أعالي الجبال، فيفيض النهر بالمياه التي تروي البلاد، فيعم الخصب والنماء، ويفرح المصريون ويبتهجون ويتبادلون الهدايا والفطير.

ولما دخلت المسيحية مصر، بكرازة القديس مرقس الرسول، وتحول الناس من عبادة الأصنام إلى عبادة الإله الحي، تحول هذا العيد إلى تذكار للملاك ميخائيل، بصفته رئيس الملائكة الواقف أمام العرش الإلهي يقدم صلوات ميخائيل، بصفته رئيس الملائكة الواقف أمام العرش الإلهي يقدم صلوات المؤمنين ويطلب عنهم ارتفاع مياه النيل ليعم الخبر بالوادي.

المصدر:
كتاب الملائكة، لمشاهير الآباء القديسين - كنيسة الملاك ميخائيل بدمنهور

الخميس، 13 أغسطس 2015

الموافقة على إستقطاب الأقباط المصريين لآداء الحج المسيحى بالأردن

الخبر كما ورد بجريدة الغد - رداد ثلجي القرالة:

عمان- وافقت وزارة الداخلية، نهاية الشهر الماضي، على إستقطاب السياح القبطيين المصريين إلى المملكة لأداء الحج المسيحي في موقع المغطس والمواقع السياحية الدينية الأخرى من قبل المكاتب السياحية العاملة في المملكة.
موقع المغطس التراثى الأردنى الذى تعمد فيه السيد المسيح

وأرسلت "الداخلية" في نهاية الشهر الماضي كتاباً إلى وزارة السياحة والآثار أعلمت فيه وزير السياحة بالموافقة على استقطاب هؤلاء السياح.

ووضعت وزارة السياحة والآثار شروطا لاستقطاب الأفواج السياحية المصرية القبطية لأداء "الحج المسيحي" على المكاتب السياحية الراغبة باستقطاب هؤلاء السياح ومنها التزام مكاتب وشركات السياحة والسفر بتقديم المستندات والوثائق اللازمة التي تثبت ديانة كل فرد من أفراد الفوج السياحي.

واشترطت الوزارة على أن لا يقل عدد أفراد المجموعة السياحية الواحدة عن عشرة أشخاص، اضافة الى قيام مكاتب وشركات السياحة والسفر بتزويد الجهات المعنية بكشف (منفست) قبل ٤٨ ساعة على الأقل من استقدام الفوج السياحي يتضمن أسماء أفراد المجموعة وتفصيلاتهم الشخصية وبرنامج الزيارة والاحتفاظ بجوازات سفرهم حال وصولهم البلاد، وعدم السماح بمغادرة المجموعة أراضي المملكة إلا حال اكتمال المجموعة بأفرادها كافة.

واشترطت وزارة السياحة على الراغبين باستقطاب الأفواج السياحية المصرية القبطية لزيارة موقع المغطس أو المواقع السياحية الدينية على أن لا تقل مدة مبيت المجموعة السياحية عن ليلتين في المملكة وبموجب حجز فندقي مسبق.

أحد الكنائس الموجودة بموقع المغطس
ووفق الشروط؛ تطبق على المكاتب والشركات المستقطبة للمجموعات السياحية مدار البحث التعليمات كافة الناظمة للسياحة والصادرة عن وزارة السياحة والآثار والجهات الأخرى.

وكان تراجع أعداد زوار "المغطس" خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة ٣٢ % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفق مدير هيئة المغطس ضياء المدني.

وبين المدني أن أعداد الزوار الذين دخلوا المغطس خلال النصف الأول من العام الحالي بلغت ٣٦ ألف زائر مقارنة مع ٥٣ ألف زائر خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وأوضح المدني أن أكثر زوار منطقة المغطس هم من الأجانب، إذ أن الإضطرابات التي تمر بها المنطقة تسببت بتراجع أعداد زوار المغطس بشكل كبير، مما يتطلب من الجهات المعنية تكثيف ترويجها للأردن على أنه بلد آمن.

يقع موقع المغطس شرق نهر الأردن وشمال شرق البحر الميت. ويبعد حوالي ٤٠ كم غرب العاصمة عمَّان.

البابا فرنسيس بابا الفاتيكان فى زيارة لموقع المغطس يوم ٢٤ مايو ٢٠١٤ م

الأربعاء، 12 أغسطس 2015

دموعنا

دموعنا
إن كان الذى سيمسح دموعنا هو رئيس ملوك الأرض، الذى تهتز الجبال عند سماع صوته وتذوب مثل الشمع. فما أجمل البكاء وما أحلى الحزن اللذان يجلبان تلك الدموع.

القمص فيلوثاؤس إبراهيم

١٨٣٧ م - ١٩٠٤ م

القمص، أو الإيغومانوس فيلوثاؤس بغدادي صالح إبراهيم، أحد الآباء الكهنة المشهورين الذين وقفوا بجوار البابا ديمتريوس الثاني يسندونه في جهاده، خاصة في الحفاظ على الإيمان الأرثوذكسي والنهضة بالتعليم.

الإيغومانوس فيلوثاؤس بغدادي صالح إبراهيم
نشأته:

ولُد بمدينة طنطا سنة ١٨٣٧ م، وتعلم في الكُتّاب القبطى، وأجاد اللغات العربية واللغة القبطية وأيضاً الإيطالية. كما تمرّن على الأعمال الحسابية والتجارية.

إذ زار سعيد باشا طنطا قابله أراخنة الأقباط وسألوه أن يسمح لهم ببناء كنيسة، لأن كنيستهم القديمة تهدّمت فصرّح لهم. لكن السلطات المحلّية وضعت العراقيل عند التنفيذ. أُنتخب المعلم فيلوثاؤس مع المعلم عوض صليب لمقابلة سعيد باشا بمعونة المعلم فيلوثاؤس بشاي كاتب الوالى لتقديم شكواهم، وقد نجحا في مهمتهما.

البابا كيرلس الرابع
إشتغل في قلم العرضحالات بمديرية روضة البحرين التي ضمت مديريتى الغربية والمنوفية. وإذ ذهب مع صديقه المعلم عريان مفتاح في القاهرة لنوال بركة البابا كيرلس الرابع أُعجب به البابا. وطلب منه الالتحاق بالمدرسة الكبرى، فأطاع.

عيّنه البابا ناظراً على المدرسة التي أنشأها في المنصورة، واضطر إلى تركها بعد استشهاد البابا كيرلس.

عُين مدرساً للغة القبطية في المدرسة الكبرى ومدرسة حارة السقايين.

سيامته كاهناً:

سيم كاهنًا بطنطا سنة ١٨٦٣ م. حيث تعاون مع القمص تادرس عوض صليب البيراوى. وقد برع في الوعظ فذاعت شهرته في أنحاء مصر، فإستدعاه البابا ديمتريوس الثاني لمرافقته في رحلته بالوجه القبلي سنة ١٨٦٧ م، فأظهر اقتداراً عظيماً في الوعظ المرتجل وبراعة في الدفاع عن العقائد الكنسية القبطية. وقد نبغ في الوعظ حتى طبقت شهرته الآفاق، ولم يقتصر نشاطه على طنطا فحسب، بل امتد من القدس إلى السودان، وكان يلقي عظاته في الأراضي المقدسة وفي بيروت ودمشق فأعجبوا به.

في سنة ١٨٧٤ م. إنتخبه المجلس الملّي راعياً للكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، ورئيساً لمدرسة الرهبان. وقد كانت له أعمال عظيمة ومؤلفات كثيرة، وكان ينوب عن البابا كيرلس الخامس في مقابلة الحكام، وكانوا يحبّونه ويكرّمونه لفصاحته وحسن أسلوبه وسعة إطلاعه، وقد حصل على نياشين من الخديوي توفيق والخديوي عباس حلمي الثاني، وكان أباطرة أثيوبيا يكرّمونه إكراماً عظيماً فكتب إليه النجاشي يوحنا سنة ١٨٨٢ م. رسالة كلها تبجيل استهلها بقوله: "إلى الأب المعظم مستقيم الرأى والضمير، كنز الحكمة واسع العقل وطويل الروح، الراعي والحافظ أمانة الإسكندرية"، وطلب فيها صلواته. كما وصله خطاب آخر سنة ١٨٩٩ م. من النجاشي فيليك يطلب فيها كتبه لترجمتها إلى الإثيوبية ويهديه نيشان النجمة.

من أروع الخطابات التي وصلت إليه رسالة كتبها إليه القديس الأنبا إبرآم أسقف الفيوم ورسالة أخرى من القديس القمص عبد المسيح المسعودي.

لما حدثت منازعات بين البابا كيرلس الخامس والمجلس الملي إقتصر عمل القمص فيلوثاوس على الرعاية الكهنوتية وترك مشروعات الكنيسة العامة.

رقد في الرب في أول برمهات ١٦٢٠ ش. الموافق ١٠ مارس ١٩٠٤ م.

كتاباته:

له مؤلفات بليغة واقع في بعضها دفاعاً مجيداً عن عقائد كنسيّة مثل:

١) نفح العبير في الرد على البشير
٢) الحجة الأرثوذكسية ضد اللهجة الرومانية
٣) تنوير المبتدئين في تعليم الدين
٤) كتاب خطب ومواعظ
٥) الخلاصة القانونية في الأحوال الشخصية

الثلاثاء، 11 أغسطس 2015

الأرشيدياكون القديس حبيب جرجس

١٨٧٦ م - ١٩٥١ م
الأرشيدياكون القديس حبيب جرجس

الكل يشعر بأن الفضل يعود إلى الأرشيدياكون حبيب جرجس الذي أنشأ مدارس الأحد في كل القطر.

نشأته:

ولد سنة ١٨٧٦ م. وصار أشهر واعظ في جيله بعد القمص فيلوثيؤس إبراهيم، وكان في وعظه جهوري الصوت، قوياً، غزير المعلومات، يؤثِّر في سامعيه.

قام بإنشاء جمعيات خيرية جديدة، كما قام بتشجيع الجمعيات القائمة وأنشأ جمعيات أخرى للوعظ.

المعلم الأول:

مرَّ وقت كان فيه حبيب جرجس هو المعلم الأول حتى أخرج للكنيسة جيلاً من المعلمين. وشمل عمله في التعليم الكلية الإكليريكية ومنابر الكنائس والجمعيات، كما علَّم بقلمه من خلال الكتب التي ألفها. وتعتبر مدارس التربية الكنسية من أهم ميادينه في التعليم.
كِتاباته:

- أصدر حبيب جرجس مجلة الكرمة.

- كما أصدر أكثر من ثلاثين كتاباً في شتى العلوم الدينية: في الروحيات والعقيدة والتاريخ والإصلاح الكنسي.

- أصدر أيضًا كتباً في الترانيم وفي الشعر.

مؤسس مدارس الأحد:

أنشأ مدارس الأحد سنة ١٩١٨م لتعويض النقص الذي يعانيه الطلبة الأقباط في دراسة مادة الدين في المدارس الأميرية وبعض المدارس الأهلية. فإنه وإن كان قد نجح مرقس بك مليكة في تقرير دراسة الدين المسيحي في المدارس الأميرية سنة ١٩٠٨ م لكن عدم وجود أساتذة متخصصين واعتبار مادة الدين إضافية أدى إلى إهمال تدريسه.

الأرشيدياكون القديس حبيب جرجس
حددت اللجنة العليا لمدارس الأحد هدفها الذي تركز في خلق جيلٍ محبٍ للكتاب المقدس والحياة الكنسية والسلوك المسيحي بروح وطني، مع الإهتمام بالرحلات الدينية والخلوات الروحية. تقدمت مدارس الأحد بسرعةٍ فائقةٍ، فصار لها في سنة ١٩٣٥ ٢٠ فرعاً بالقاهرة، ١٨ بالوجه البحري، ٤٤ بالوجه القبلي، ٣٠ بالسودان.

في عهد المتنيح البابا كيرلس السادس سيم نيافة الأنبا شنودة أول أسقف على المعاهد الدينية والتربية الكنسية، وباختياره بابا للإسكندرية بقي أيضاً مسئولاً عن هذه الأسقفية.

المؤسس الحقيقي للإكليريكية:

يُعْتَبَر القديس حبيب جرجس المؤسس الحقيقي للإكليريكية في عصرها الحاضر، فهو الذي إشترى لها الأرض وأسس لها المباني في مهمشة، وأعد القسم الداخلي لمبيت الطلبة. أنشأ الإكليركية في ٢٩ نوفمبر ١٨٩٣ م وإلتحق بها, وصار الواعظ الأول ومدرس اللاهوت بالكلية في الربع الأول من القرن العشرين. وتسلم نظارتها سنة ١٩١٨ م إلى نياحته سنة ١٩٥١ م.

وأنشأ كذلك القسم الليلي الجامعي سنة ١٩٤٦ م. وكان أول أستاذ لعلم اللاهوت في الكلية الإكليريكية، وتولى تدريس زملائه وهو طالب.

ترشيحه للمطرانية:

أختير عضواً للمجلس الملّي العام، ورُشِّح مطراناً للجيزة سنة ١٩٤٨ م. ولكن لم يقبل البابا يوساب رسامته لأنه لم يكن راهباً.

مرض لمدة عام قبل أن يتنيح ليلة عيد السيدة العذراء ١٦ مسرى ١٦٦٧ ش. الموافق ٢١ أغسطس سنة ١٩٥١ م.

وقد إعترف المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني بقداسة حبيب جرجس في جلسته بتاريخ ٢٠ يونيو ٢٠١٣ م.

من أقواله:

إن الإصلاح الكنسي لا يقوم على الهجوم أو النقد اللاذع للقيادات الكنسية، وإنما بالعمل الجاد مع الأطفال والفتيان والشباب، إذ يصيرون أعضاء الكنيسة في المستقبل، ومنهم مَنْ يتسلم القيادات الكنسية.

الاثنين، 10 أغسطس 2015

الشماس يوسف حبيب

١٩٠٩ م - ١٩٨١ م

موجز حياته:

- ولد بالقاهرة سنة ١٩٠٩ م، ورسم شماساَ بيد القديس أنبا صرابامون مطران الخرطوم في كنيسة العذراء حارة الروم سنة ١٩٢٣.
المقدس يوسف حبيب

- حصل على شهادة البكالوريا أدبي سنة ١٩٢٦ م.
- تتلمذ في مدرسة الأقباط الكبرى بالقاهرة على يد الأستاذ يسى عبد المسيح مدرس اللغة القبطية والمعلم ميخائيل البتانوني الكبير.
- إشتغل بالمحاكم المختلطة والنيابات وتدرج في الوظائف حتى رقم رئيساً للقلم الجنائي بالنيابات بمحافظة الإسكندرية... إلا أنه إستقال من وظيفته وهو لم يتجاوز الخمسين ليتفرغ للخدمة والاطلاع وبناء النفوس.
- عرفته المدينة العظمى المحبة للمسيح الإسكندرية كأحد الرواد الأوائل في خدمة التربية الكنسية، وكأحد العلامات البارزة في مجال القبطيات والإهتمام بالمخطوطات والترجمة والنشر واللغة القبطية.
- كان عضو لجنة الآثار القبطية.
- إشتهر في مجال التأريخ والتوثيق والترجمة للمخطوطات القبطية.
- دَرَّس (التاريخ الكنسي) لطلبة الكلية الإكليريكية بالإسكندرية وله مئات الأبحاث والمنشورات المترجمة. وقد وصفه قداسة البابا شنودة الثالث بأنه "المؤرخ العلامة".
- رافق المتنيح القمص بيشوي كامل في رحلة خدمته من البدء، وقد كان له بمثابة (المعلم) والسند والرفيق منذ البدايات في خدمة التربية الكنسية بكنيسة السيدة العذراء الأم بمحرم بك إسكندرية.
- تنيح بسلام في عيد شهادة يوحنا المعمدان ٢ توت / ١٢ سبتمبر لسنة ١٩٨١ م وهو في سن الـ ٧٢ سنة وتشابه سيرته النقية وبتوليته ونسكه وشهادته للحق صاحب هذا التذكار... وستبقى ذكراه باقية إلى الأبد بعد أن شهد للعريس السمائي وأكمل السعي.


    السيرة التفصيلية:

    تكريسه:

    تعلم بمدرسة الأقباط بالأزبكية، ودرس اللغة القبطية على يد الأستاذ الراحل يسى عبد المسيح، كما تعلم الألحان على يد المعلم ميخائيل البتانوني، وسامه الأنبا صرابامون مطران الخرطوم شماسًا سنة ١٩٢٣ م.

    كان في بداية شبابه بالإسكندرية خادماً وشماساً في كنيسة السيدة العذراء مريم بمحرم بك، وكان بحسب السن يكبر جيل الخدام الذي كان المتنيّح القمص بيشوي كامل أميناً لخدمته في هذه الكنيسة، ولكن روحه الشابة كانت قريبة من هؤلاء الشبان المملوءين من الغيرة الروحية فكان ملتصقاً بهم في كل نواحي الخدمة. وعندما سيم القمص بيشوي كامل في ٢ ديسمبر سنة ١٩٥٩ م للكهنوت كان المقدس يوسف حبيب يعمل رئيس قلم في مديرية المرور بالإسكندرية، وكان منظر رسامة أبونا بيشوي أمامه نقطة تحول أساسية في حياته إذ غار غيرة مقدسة وقال في نفسه: "الشبان الصغار يقبلون على التكريس ويبذلون شبابهم محبة في المسيح، وأنت متكاسل ومتهاون إلى هذا الحد؟" وبعد صلاة القداس وإتمام السيامة ذهب يوسف إلى عمله، وفي ذات اليوم قدم استقالته من العمل مكرساً ذاته ووقته وجهده لعمل أفضل.

    خدمته:

    ما أن عاد أبونا بيشوي من دير السريان بعد إتمام الأربعين يوماً التي يقضيها الكاهن بعد رسامته حتى وجد المقدس يوسف مجنداً
    المقدس يوسف حبيب
    للخدمة في الكنيسة الجديدة التي على اسم الشهيد مار جرجس بإسبورتنج ليلاَ ونهاراً. لقد وضع على عاتقه، بدون تكليف من أحدٍ، أن يسند أبانا في بداية خدمته إذ لم يكن للكنيسة الجديدة شمامسة ولا مرتل ولا خدام، وكان رجلاً كنسياً من طرازٍ نادرٍ يحفظ جميع ألحان الكنيسة بإتقانٍ، ويقولها بروح الصلاة بصوت مؤثر للغاية. وهكذا صار المقدس يوسف معلماً للأولاد يسقيهم روح الآباء، وينشئهم على حب الكنيسة والألحان، إلى أن أصبح للكنيسة مرتل وخورس جميل من الشمامسة واستقرت أمورها، فتوارى في تواضع وإنكار للذات، واتجه بكل كيانه وجهده إلى مجال جديد لإحياء التراث.

    كان المقدس يوسف في هذه الفترة شغوفاً بسير القديسين وبالأكثر الذين لم تُنشر سيرهم العطرة، فابتدأ يسافر إلى الأديرة يبحث في كنوزها عن كل ما هو مخفي فيها فأخرج إلى النور عشرات السير والقصص النادرة. وعمل لنفسه اشتراكاً في القطار ويذهب إلى القاهرة مرتين في الأسبوع يفتش في المكتبات وبالأخص المتحف القبطي ومكتبة البطريركية ودار الكتب، يترجم ويحقق سير الآباء القديسين وأقوالهم ثم يعود ليضعها في كتيبات صغيرة نافعة للخدمة ولبنيان النفوس.

    وكان في زهده الشديد يصرف كل معاشه في هذه الأمور بفرحٍ، ولم يكن يقتصد لنفسه شيئاً، ولم تعد إليه الكتب الكثيرة التي طبعها بشيء من المال بل عاش فقيراً لا يملك شيئاً مطلقاً، زاهداً وناسكاً في مظهره وفي أكله وشربه وملبسه ويعيش على الكفاف إلى يوم نياحته.

    مع إقامة كنيسة الأنبا تكلاهيمانوت بالإبراهيمية بالإسكندرية:

    في بداية الستينات شعر المقدس بالمسئولية ملقاة على كاهله. فبلا تردد سلم نفسه للخدمة: كل القداسات والعشيات يقوم مقام المرتل والشماس بروح مثابرة وتفانٍ وإنكار للذات.

    حدث مرة أثناء رفع بخور باكر والكنيسة في بدايتها لم تكن حتى كتب القراءة مكتملة فيها فلم يجدوا الكتاب المقدس لقراءة إنجيل باكر باللغة العربية، فببساطة شديدة أمسك القطمارس القبطي وأخرج فصل اليوم ووقف يقرأ الإنجيل على الشعب وهو يقوم بترجمة فورية من القبطية إلى العربية. هكذا كان يجيد القبطية بلهجتيها الصعيدية والبحيرية ويتكلمها بطلاقة، وكم ترجم من مخطوطات وأخرج من كنوزها.

    حياته:

    كان المقدس يوسف حبيب يسكن بمفرده يخدم نفسه، وكان يقول دائماً: "أمنيتي من المسيح أن أمشي على قدميَّ إلى يوم وفاتي، لا أريد أن أرقد وأُتعِب أحدًا أو أن أحداً يخدمني، مجرد أن أمشي على قدميَّ هذه نعمة عظمى". وقد حقق له الرب أمنيته إذ لم يرقد في مرض اضطره لخدمة الناس، فضمه الرب إليه وأراحه من أتعاب العالم بسلام.

    كان منهجه هو الرفض الكامل القاطع للمكافأة الأرضية سواء كان مديحاَ من الناس أو مركزاً أو إسماً أو درجة أو مالاَ أو سلطاناً، وهكذا عاش هذا الشماس الزاهد في وسطنا بحقٍ إلى آخر يوم في غربته على الأرض.

    حكمته:

    المقدس يوسف حبيب
    كان مسلكه نحو القضايا العامة والمشكلات الكنسية يعبر بصدق عن تواضع حقيقي، فكان يعتبر نفسه صغيراً عن الخوض في هذه الأمور التي هي من شأن الكبار. هكذا كان يقول للمتّصلين به، فلا يذكر أحد من الذين عرفوه أنه اشترك ولو مرة في مناقشة أو جدل حول موضوع أو شخص من قيادات الكنيسة وآبائها، بل كان يلوذ بالصمت دائماً. وقد قال مرة لأحد الآباء في وقت كثر فيه الكلام والجدل والتحيّزات: "السبب الجوهري لصمت القديس أرسانيوس الحكيم أنه كانت تجتاح الكنيسة في ذلك الوقت موجات عاتية من الجدل حول أوريجينوس، فالبعض يؤيده ويدافع عنه بحماس وقوة، وآخرون وقفوا ضده وضد مسلكه وكانوا يعتبرونه محروماً ومقطوعاً من شركة الكنيسة، ولم يرد القديس أرسانيوس أن يدخل في هذه الدوامة من الجدل غير المفيد، فلم يستقبل أحداً من الناس ولم يتكلم مع أحدٍ وظفر بالصمت، وحوَّل الصمت إلى صلاة وحياة مع اللَّه، وأحب الناس جميعاً بالبعد عن الناس". وهكذا اقتدى بأسلوب أرسانيوس الروحي في السمو فوق الأحداث والحب لجميع الناس بلا جدل أو تحزب.

    شركته مع القديسين:

    لعل من أجمل سماته بعد حبه للصلاة والتسبيح للَّه بلا ملل، شركته الحية مع القديسين. فيحكي الأب تادرس ملطي أنه في حوالي عام ١٩٥٧ م إذ كان ذاهباً إلى كنيسة السيدة العذراء بمحرم بك كعادته كان واقفاَ مع بعض الأحباء فأسرع إليه وقال له: "أراك مضطرباً علي غير العادة ماذا حدث؟" رد عليه: "إني في مشكلة كبيرة لا أعرف لها حلاً". لم يسأل ما هي المشكلة، بل قال: "تعال". وذهب به إلى منزله بجوار الكنيسة، ولم يكن يسمح لأحدٍ بزيارة منزله. دخل الأب فوجد شقته مزينة كل حوائطها بأعداد ضخمة من صور القديسين. هناك أمسك بكتاب الأبصلمودية وبدأ يسبح اللَّه ويطلب شفاعات القديسين. ثم قال له: "لا تخف فإن القديسين يحوّطون بك". وبالفعل عادا معاً إلى الكنيسة وفي الصباح جاء حل المشكلة من حيث لا يدري الأب، وفوق ما يتخيل فكره!

    نياحته:

    بعد أن خدم كنيسته وأثرى مكتبتها بالكتب المفيدة انضم إلى كنيسة الأبكار عن عمر يناهز ٧٢ عاماً، وذلك في يوم ١٢ سبتمبر سنة ١٩٨١ م.

    كتاباته:

    حوالي المائتين كتاباً وكتيباً، خاصة في تاريخ الكنيسة وسير القديسين وكتاباتهم وتحقيق بعض المخطوطات.

    المقدس يوسف حبيب إلى يمين أبونا بيشوي، في يوم رسامة المتنيح القمص بيشوي كامل، الأربعاء ٢ ديسمبر عام ١٩٥٩ م